لغة القالب

قصة هنري الثامن ملك إنجلترا مع زوجته آن بولين

هنري الثامن ملك انجلترا

كان هنري الثامن ملك إنجلترا في القرن السادس عشر متعلمًا بارعاً في الخطابة فارساً مُحارباً، قاسياً، صلباً
ويعده البعض «أحد أكثر الحكام الذين جلسوا على عرش إنجلترا كاريزما» وقد تزوّج ست نساء، كانت الأولى تُدعى كاثرين. وفي العام 1525م وقع الملك هنري في غرام شابة جذابة من حاشية زوجته الملكة كاثرين، تدعى آن بولين. ومن هموم السياسة والإصلاح الديني أخذ الملك على عاتقه مهمة «كيفية استمالتها» وفي البداية قاومت آن محاولاته لاستمالتها، ورفضته، وقد جذب هذا الرفض هنري لآن أكثر فسعى في طلبها بلا استسلام وفي النهاية، رأت آن بولين فرصتها في افتتان هنري بها، وعقدت العزم على أنها ستخضع لرغباته إذا ما اعترف بها كملكة، وسرعان ما استحوذت على تفكير الملك ليفسخ زواجه من كاثرين بحجة «أنها لم تُنجب له وريثا».

وحسب ما روت المؤرخة الأميركية «ريتا» عن آن بولين أنها كانت رشيقة وأنيقة، وصاحبة فِكر غامض، وذات ذكاء ودهاء صامت، كما كانت تلعب على آلة الفلوت الموسيقية والعديد من الآلات الموسيقية، وتجيد التحدث بالفرنسية بطلاقة، وحينما وقع في غرامها الملك كانت صغيرة السن، ولفت نظره أنها سريعة البديهة وذات جاذبية في حديثها مع الناس، فعندما تتحدث تقتحم عقول من حولها بسلاسة دون عنوة، إذ كان تأثيرها مُركزّا على الأدمغة قبل الأفئدة، ثم إنها تمتلك حساً طفولياً ولديها مهارة التسلية والترفيه لمن يتحدث معها، كما أنها كانت «تستمتع» بالاهتمام الذي تتلقاه من كِبار الضُبّاط ورجال الساسة ونحوهم.

وعموماً نجح الملك في مخططاته وتزوّجها بالفعل وكانت تصغُره بالعمر كثيراً، وعلى الرغم من ذلك سطع نجم آن بولين بعد الزواج، إذ كان لها سلطة قبول حينما تُقابل السياسيين والدبلوماسيين، ووصل الأمر إلى أنها تتوسّط لزوجها الملك في بعض الشؤون السياسية وتتفاوض مع رجال السياسة وتنجح في نهاية الأمر ببراعة! فقد كتب سفير ميلانو العام 1531م أنه كان من الضروري الحصول على موافقة آن بولين زوجة الملك، إذا أردت التأثير على الحكومة الإنجليزية، وهو الرأي المؤيد لما قاله السفير الفرنسي في وقت سابق العام 1529م.

وخلال هذه الفترة، لعبت آن بولين دورًا بارزًا في علاقات إنجلترا الدولية، من خلال توطيد التحالف مع فرنسا.

وحينما بزغ شمس آن بولين وهي شابة في مُقتبل العمر، أضمر الملك الخوف والحسد منها إذ إنه خاف على سُلطانه ومُلكه من هذه الشابة، وعاش الملك هنري الثامن فترة عصيبة في التفكير كيف يتخلص منها؟ إذ إن الطلاق محرّم حسب المعتقد الديني السائد حينها، وحتى إن طلّقها فهو لا يأمن مُلكه، وفكّر ووجد الحل في التخلص منها هو «القتل» وحتى يُضفي صبغة قانونية للقتل دبّر لها مكيدة بالتعاون مع مجموعة من حاشيته، وكانت المكيدة هي الاتهام بالخيانة العُظمى والحُكم عليها بالإعدام حرقاً بالنار.

وعلى الرغم من أن الأدلة لم تكن مقنعة، إلا أنه حُكم عليها بالإعدام حرقاً، وفي اللحظات الأخيرة خفف الملك هنري الحكم الصادر على آن من الحرق لقطع الرأس، على أن يكون ذلك بالسيف، بدلاً من الفأس كما جرت العادة.

وسارت آن إلى مصيرها وفي يوم إعدامها قبل أن يقطع رأسها بلحظات قالت: «أيها الشعب المسيحي الصالح، جئت هنا للموت، وفقًا للقانون، الذي حكم عليّ بالموت، لذا لن أعترض. لم آتِ هنا لأتهم أي رجل، ولا لكي أقول شيئاً حول اتهامي والحكم عليّ بالموت، ولكن أدعو الله أن يحفظ الملك ليحكم أطول فترة، فقد كان كريمًا ولطيفًا معي. وإذا تناول أي شخص في قضيتي، فسأطالبه أن يحكم بالعدل. وما دمت سأرحل عن الدنيا، أتمنى أن تصلوا من أجلي». وتم تنفيذ الحُكم.

والمُلاحظ على رسالتها الأخيرة، قبل إعدامها تؤكد لنا أنها كانت ذكيّة ومتماسكة حتى اللحظات الأخيرة من عمرها، ففي رسالتها تلميح على أنها بريئة واستحسان للملك حتى لا يلحق الأذى بابنتها التي أصبحت ملكة إنجلترا فيما بعد، وهي الملكة الشهيرة «إليزابيث الأولى».
10 أبريل

عدد المواضيع